الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة رؤوف بن يغلان: «من يعترض على «إرهابي غير ربع» متخلف ذهنيا»

نشر في  14 جوان 2017  (13:01)

شاب مهمّش تتقاذفه امواج الخصاصة والحرمان والاقصاء، يفكر في لحظة ضعف في الالتحاق بالعناصر الارهابية، بعد ان احتضتنه ووعدته بالجنة والحور العين ناهيك عن توفير كل ظروف الحياة المترفة، لكن وقبل أن يتحول هذا الشاب أو «مشروع الارهابي» الى ارهابي كامل، يستغل فنان الجانب المنير داخل «الارهابي غير ربع» ويحاول استغلال الانسان الحي داخله لاعادته الى رشده و التصدي الى محاولاته للتحول الى ارهابي كامل عبر توفير حلول عاجلة له .
هذا هو ملخص مسرحية «ارهابي غير ربع» للمسرحي رؤوف بن يغلان، ففي هذه المسرحية يستدعي بن يغلان الارهابي غير ربع ويحاوره ويبحث معه عن الاسباب التي دفعته الى تبني الافكار الظلامية والتفكير في الالتحاق بالمجموعات الارهابية، يفتح معه باب النقاش محاولا اثنائه عن فكرة الانضمام الى داعش، في الاثناء يكشف بن يغلان الفنان بطريقة لا تخلو من سخرية الاسباب التي جعلت من شاب من اصحاب الشهائد العليا يتحول الى مسروع ارهابي، ويوجه سهام نقده الى كل الجهات المسؤولة في الدولة محملا اياها المسؤولية الكاملة في عدم احتضانها ابناء هذا الوطن ودفعهم الى المجهول والتضحية بهم، ارهابي غير ربع هي صرخة يطلقها رؤوف بن يغلان لتفادي تأزم الوضع بعد ان باتت تونس في المراتب الاولى من ناحية تصدير الارهابيين .   
وفي هذا العمل المونودرامي، يحاول بن يغلان ايجاد الحلول الكفيلة لجعل الارهابي غير ربع لا يتحول الى ارهابي كامل حيث يصرخ ويقول :» ما دامك غير ربع أنا مانخليكش .. قمروك رموالك المنداف وحصلوك ...خلقولك حكاية وصنعولك خرافة بش يبهروك وتسلملهم روحك لهم من غير لا تعرف شكونهم ولا شكون وراهم ... أنا مانخليكش». وبالفعل لا يتخلى الفنان عن الارهابي غير ربع في هذا العمل المسرحي ويحاول بشتى الطرق اقناعه بالعدول عن فكرته وينجح في مسعاه اخيرا، ليترك رسالة في غاية الاهمية، وهي انه بامكاننا لو تكاتفت كل الجهود ان نبطل مشروع الارهابي، كما يبرز دور الثقافة والمثقف في التصدي للفكر الظلامي المتطرف .

حتى لا يتحول «الارهابي  غير ربع « الى ارهابي

وفي حديث مطول جمعنا بصاحب «ارهابي غير ربع» رؤوف بن يغلان» أكد لنا أن هذا العمل المسرحي تطلب منه مجهودا جبارا لانجازه مجهود تواصل قرابة سنتين ونصف من الاعداد، مضيفا أن هناك اكثر من 23 نسخة من «ارهابي غير ربع» قبل ان تولد النسخة الاخيرة، كما بين ان المسرحية هي  ثمرة عشرات الزيارات التي اداها  الى مختلف مناطق الجمهورية من شمالها الى جنوبها وعديد اللقاءات مع شباب في احياء شعبية ومناطق عرفت بتغلغل الارهاب فيها، كما التقى بعناصر شاركت في احداث سليمان وتمتعت بالعفو التشريعي العام اضافة الى لقائه بقيادات عسكرية وامنية وباحثين ومختصين، أي أن هذا العمل الموندرامي جاء اثر رحلة بحث طويلة ايمانا من بن يغلان بأهمية القضية والمشروع .
وذكر بن يغلان أن هدفه الاساسي خلال هذا العمل هو كيف يحول دون تحول «الارهابي غير ربع» الى ارهابي كامل، مؤكدا انه تبنى هذه الشخصية وتكفل بها وحاول حمايتها كي لا تواصل مشوارها المظلم، مشيرا الى أنه وبعد 48 سنة من التجربة في المجال المسرحي بات اعتلاء الركح والربح المادي من آخر اولوياته لأن هدفه الاساسي بات الايمان بالقضية والدفاع عنها، مؤكدا انه يتمنى ان يتحول كل فرد من المجتمع الى المسرح ويشاهد  العمل في اطار التعبئة الجماهيرية ضد الافكار الظلامية والتصدي للارهاب .
وبين محدثنا انه اشتغل على هذه المسرحية مطولا لأنه كان يبحث عن عمل يترسخ في عقل المجتمع التونسي ويكون عبارة عن وثيقة تؤرخ لحقبة زمنية معينة مرت بها البلاد، وذكر انه ومن خلال هذه المونودراما لا يصارع الارهابيين لان مصارعتهم ومحاربتهم من مشمولات الوحدات الامنية والعسكرية وانما يحاول تسليط الضوء وايجاد حلول لكل من يتبنى هذه الافكار ولم يتحول بعد الى ارهابي، مشيرا الى أن الفنان في المسرحية يحاول امتصاص غضب «مشروع الارهابي» ومنعه من ان يكون ارهابيا كما يحاول التدخل في مصيره وايقاف الزمن لايجاد حلول للمشاكل التي جعلته يجعل بالنقمة تجاه وطنه وحماة الديار .

مهرجان الحمامات خذلني.

من جهة أخرى ولئن أكد رؤوف بن يغلان ان ادارة مهرجان قرطاج اقتنعت بنص المسرحية وبفكرة ان تحارب خشبة الركح هذه الآفة وقامت ببرمجة العمل بالدورة 53 من مهرجان قرطاج الدولي وتحديدا يوم 6 أوت، فانه عبر عن شديد استيائه من قرار إدارة مهرجان الحمامات الدولي الرافض لبرمجة مسرحّية « إرهابي غير ربع»،وذكر بن يغلان أن معز مرابط مدير هذه الدورة من مهرجان الحمامات الدولي علل رفضه بكون الادارة تسلمت ملف العمل بعد انتهاء فترة قبول المطالب والملفات، والحال انه تقدم بملف منذ السنة الفارطة واعاد ايداع نفس المطلب هذه السنة ومنذ شهر مارس الفارط اي قبل انتهاء المدة، كما اشار الى أن معز مرابط وبحكم كونه فنانا قبل ان يكون اداريا، كان مطالبا بالاتصال به بمجرد معرفة موضوع العمل واقتراح برمجة المسرحية ولما لا دعمه لا العكس، موضحا ان كل المؤسسات الثقافية مطالبة اليوم ببرمجة هذا العمل لأنه يصرّح جهرا بمكافحته للارهاب وطرق التصدي اليه، حتى وان كان لدى البعض اعتراض على شخصه . لأن الركح في هذه المسرحية ينطق بكلمة واحدة وهي «لا للارهاب» .
من جهة اخرى لم يخف رؤوف بن يغلان خيبته من عدم تلقي هذا العمل أي دعم من أي جهة تذكر وكأن القضية لا تعني الجهات المسؤولية موضحا ان الامتناع عن محاربة الارهاب ولو فنيا يعد خيانة لهذا الوطن، موضحا انه لا بد اليوم من فتح «شانطي ثقافي» في كل شبر من هذا الوطن وتكاتف جميع الجهود لمحاربة هذه الآفة واستئصالها قبل انتشارها اكثر فأكثر لأن الارهاب حسب كلامه يدمر الذاكرة الوطنية ويخلق الاحباط والفشل.
واستغرب رؤوف بن يغلان من الصمت الحكومي ومن صمت المسؤولين مؤكدا ان كل من يقفل الابواب امام محاربة هذه الآفة يعاني من اختلال ذهني وعدم التوازن، مشيرا الى هذه الجهات باتت لا تهتم لذبح اطفالنا في وضح النهار على حدّ تعبيره .

عرض بالشعانبي وبمجلس نواب الشعب   

 ختاما نشير الى ان  الفنان المسرحي رؤوف بن يغلان اختار أن يستهل أولى عروض عمله  «إرهابي غير ربع» في الثكنات العسكرية، حيث قدم على مدى ستة أسابيع 14 عرضا مسرحيا بمختلف الثكنات بالوسط والجنوب والشمال، وذلك قبل ان يقدمها في عرض جماهيري كبير بالمسرح البلدي مؤخرا في انتظار قيامه بجولة في مختلف المهرجانات والولايات الداخلية:
كما اسر لنا بن يغلان بكونه يسعى الى عرض مسرحية بسفح جبل الشعانبي وهو ما اتفق عليه مع الجهات الامنية والعسكرية في انتظار توفير مزيد من التأمينات، كما التقى بن يغلان برئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر واتفقا على عرض المسرحية تحت قبة المجلس قريبا .

سناء الماجري